بعد المرشح الجمهوري فرنسوا فيون ومرشح حزب "الى الأمام" ايمانويل ماكرون، حان دور مرشحة حزب الجبهة الوطنية اليميني مارين لوبان لتزور لبنان. توحي زيارات المرشحين الرئاسيين الفرنسيين الى لبنان وكأن لهذا البلد دورا مهما في الوصول الى قصر الاليزيه، ولكن البحث في أسباب الزيارات ومضامينها يُعيد الامور الى نصابها، اذ لا أهداف سياسية لها.
وصلت في الساعات الماضية مارين لوبان الى بيروت والتقت رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بينما لم تلتقِ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان كما كان متوقعا بسبب رفضها وضع الحجاب على رأسها، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وتشير المصادر المطلعة على اسباب الزيارة أن عدم لقاء لوبان برئيس المجلس النيابي نبيه بري سببه سفر الثاني الى إيران للمشاركة في مؤتمر طهران الدولي السادس عن أولوية تحرير فلسطين والقدس، لافتة الى أن فريق عمل لوبان اتصل بعين التينة وسأل عن امكانية اللقاء ولكن توقيت الزيارة لم يكن مناسبا.
أمّا بالنسبة للأسباب فيشير المتخصص في الشأن الفرنسي تمام نور الدين الى أن زيارات المرشحين الفرنسيين الى لبنان وغيره من الدول لا علاقة لها بالسياسة ولا تتضمن حديثا سياسيا متخصصا بملفات المنطقة، فالهدف الرئيسي لها هو إظهار "قوة العلاقات الدولية". ويضيف نور الدين في حديث لـ"النشرة": "يتنافس المرشحون في فرنسا في اظهار "علاقاتهم الدولية" وقدرتهم على زيارة دول ورؤساء وشخصيات لها ثقلها في السياسة الدولية، وهذا تقليد يعمل به المرشحون الرئاسيون منذ زمن من ضمن حملاتهم الانتخابية"، مشيرا الى ان أهمية لبنان هنا تكمن في موقعه ودوره بين الدول العربية والوجود المسيحي فيه، ما يجعل "فكرة" زيارته مربحة في الشارع الفرنسي. ويلفت نور الدين النظر الى أن الزيارات لا تقتصر على لبنان فإيمانويل ماكرون الذي زار بيروت في 23 الشهر الماضي، زار في وقت سابق الجزائر، ولوبان زارت سابقا برج الرئيس الاميركي دونالد ترامب والتقت أشخاصا من فريق عمله حتى وإن نفت ذلك، كذلك التقت أناسا من فريق عمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزارت مصر والأزهر.
منذ أيام انتشر خبر في لبنان يتحدث عن نية فرنسوا فيّون زيارة بيروت للمرة الثانية خلال فترة قصيرة، ولكن هذه الزيارة ألغيت كونه لم ينته بعد من معالجة مشاكله الداخلية، يقول نور الدين. ويضيف: "إن "الفضيحة" التي ضربته لا تزال تؤثر عليه في الشارع الفرنسي، اذ أن ما نشرته الصحيفة الأسبوعية الفرنسية "لوكانار أنشينيه" عن تقاضي كلّ من زوجته ونجليه مبالغ مادية عبر الاستفادة من وظائف وهميّة، شكّل ضربة قاسية له جعلت حظوظه الرئاسية تنخفض"، مشيرا الى أن الصورة الانتخابية الفرنسيّة ليست واضحة بعد إذ ان نصف الفرنسيين تقريبا لم يقرروا حتى اللحظة خيارهم الانتخابي.
الحذر الأمني
يشكل الوضع الامني في فرنسا "همّا" كبيرا لدى الفرنسيين، فالتهديدات الارهابية بحسب نور الدين لم تتوقف، والحذر الأمني دائم الوجود، ولكن لا معلومات جديدة عن هجمات ارهابية متوقعة، مشيرا الى أن الاقتراب من موعد الجولة الاولى من الانتخابات في 28 نيسان المقبل يرفع منسوب التوتر والحذر وبالتالي يزيد من "حجم" الجهوزية الأمنية لتأمين سلامة العملية الانتخابية.
"تستعر" الحملات الانتخابية للمرشحين الفرنسيين يوما بعد يوم، وتأخذ القضايا الخارجية الحيّز الأبرز فيها، وتحديدا ملف الارهاب بما يحوي من "رسم" لعلاقات فرنسا مع سوريا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، وفي هذا الإطار ينقسم المرشحان البارزان فيون ولوبان في كيفية دغدغة مشاعر الفرنسيين، فالاول ينادي بالتقارب مع روسيا وسوريا لمواجهة الارهاب، والثانية تحاول "تقليد" ترامب في الهجوم على اللاجئين والحديث عن الجدران العازلة و"ضرب" الاتحاد الاوروبي، فلمن ستكون الغلبة؟.